*
مدخل /
(كان حصار النبي - - ومن معه من مناصريه وأتباعه في شعب أبي طالب بداية حقيقيةً للنصر، وفي حصار المسلمين في غزةِ الإباء صورةٌ تذكرنا بذلك النصر برغم ما تسبِّبه لنا من الألم)
..
في الشِّعبِ كان لنا حصارُ محمَّدِ رَمْزاً وكان بدايةً للسُّؤْدَدِ
كتبَ العدوُّ وثيقةَ الغدر التي لم يَرْعَ كاتبها مكانَ المسجدِ
في كعبةِ الله الشريفةِ عُلِّقت واشتدَّ ظلمُ القاتل المتعمِّدِ
في الشِّعب كان حصارُ أَشرفِ مُرْسَلٍ والأقربينَ له، وكلِّ موحِّدِ
طال الحصار بهم فلم يستسلموا وتعلَّقوا بالخالق المتفرِّدِ
تركوا طُغاةَ الكفر خَلْفَ ظهورهم يتنافسون على طبيعةِ جَلْمَدِ
وسَمَوا بأفئدةٍ تعلَّق نَبْضُها بالله، إنَّ اللهَ أعظمُ مُنْجِدِ
كان الحصارُ تقدُّماً وتألُّقاً وسُموَّ روح المؤمن المتعبِّدِ
كان الطريق إلى الشموخ لأنَّه مَلأَ النفوسَ بعزمها المتجدِّدِ
كانت معاناةُ الحبيبِ وصحبه لُغَةَ الصمود ودَرْسَ مَن لم يَصْمُدِ
كانت بدايةَ رحلةٍ نَحْوَ العُلا بالرغم من جَوْر الحصار الأَسْودِ
طال الحصارُ وَجذْوَةُ الإيمان في قلب الحبيب وصَحْبه لم تخْمُدِ
رفعوا أياديَهم إلى الله الذي يرعى ويحفظ كلَّ داعٍ مُرْشِدِ
فإذا بليل الكفر يُنكِرُ نفسَه لمَّا رأى فجر اليقين من الغَدِ
الليل مهزوم أمام نهارنا والشمس أقوى من ضياءِ الفَرْقَدِ
والحقَّ أكبر من جحافل باطلٍ تمضي بوهم منصِّرٍ ومُهوِّدِ
مَنْ ذا يُساوي بين عِزِّ نخيلنا وشموخه العالي وبين الغَرْقَدِ؟
منْ ذا يُساوي بين نارٍ أُجِّجَتْ وبقيَّةٍ من جَذْوةٍ في موقدِ؟!
هذا حصارُ الشِّعب كان تألُّقاً وحصارُ غَزَّةَ صورةٌ لم تَبْعُدِ
ظلمٌ لمن قالوا: نريد حكومةً فيها بأحكام الشريعة نهتدي
ظلمٌ لأطفالٍ صغارٍ أصبحوا يتشوَّقون لشمعةٍ لم تُوْقدِ
ظلمٌ لمرضى صار رَجْعُ أنينهم - لو يفهم الأعداءُ - صَوْتَ تَوَعُّدِ
ظلمٌ لشيخٍ مرَّ شهرٌ كاملٌ لم يَلْقَ كرسيًّا، ولم يتوسَّدِ
ظلمٌ، وصَمْتُ المسلمين حكاية سوداء تُخْبرنا بسوءِ المَشْهَدِ
أنَّى يقوم العدل في الأرض التي تشكو مكابرة العدوِّ الأَنْكَدِ؟!
تشكو انحرافَ الناس عن سَنَنِ الهدى وضلالِ سَعْي الفاسقِ المتمرِّدِ
لكأنني بالأرض تطحن نَفْسَها لمَّا تشاهد جَوْر هذا المعتدي
وكأنني بالأرض غاضبةً على مِلْيارِنا المتثاقل المتردِّدِ
وكأنني بالأرض تُنكر ما ترى من هيئة الأُمم التي لم تَرْشُدِ
من مجلس الخوف المقيَّد بالهوى والنَّقْضِ حتى صار غيرَ مُسَدَّدِ
لا خيرَ في دولٍ تنام قريرةً وعيون غزَّةَ في الأسى لم تَرْقُدِ
يا غزَّةَ الأبطال صَبْرَكِ إنني لأرى انبلاجَ الفجر أقرب موعدِ
وأرى صمودَكِ لوحةً معروضةً في الأُفْقِ تَرْسُم قُدْوَةً للمقتدي
هذا الحصار وثيقةٌ مكتوبةٌ بمِدادِ إصرارٍ وأَحْرُفِ عَسْجَدِ
واللهِ، إني أُبْصر الفجر الذي ما زال يُعلنه أذانُ المسجدِ
..
عبد الرحمن العشماوي
مخرج /
أمة المليار أخرجي من عالم الحصار لعالم الإنتصار
ابتدى
(انتقيته لكن..عن اخت حبيبة)