![]() |
ما الذي غـرّك بربك الكريم ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما الذي غـرّك بربك الكريم ؟ لا بُـد أنك نـمـت ! فإن لم تكن البارحة فليلة قبلها هل غلبك النـّوم يوما من الأيام أو ليلة من الليالي ؟ هل رأيت كيف سلطانه عليك ؟ فالنوم أقوى منك ، ومع ذلك هناك ما هو أقوى منه ! ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ؟ أغـرّك حلمـه عليك ؟ أم غـرّك سمـعـك ؟ فهناك من هو أقوى منك سمعاً ! أما علمت أن البهائم التي سُخّرت لك تسمع ما لا تسمعه أنت ؛ من عذاب القبر ؟ أم غـرّك بصرك ؟ فهناك من الطيور من هو أحـدّ بصراً منك . أما علمت أن الديك يرى ما لا ترى من الملائكة ؟ وأن الحمار والكلب يرى ما لا ترى من الشياطين ؟ قال الرسول صلى الله عله وسلم : إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكا ، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنه رأى شيطانا . رواه البخاري ومسلم . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله ، فأنها ترى ما لا ترون . رواه الإمام أحمد وأبو داود فما الذي غـرّك ؟ أغـرّتك قوتك ؟ فهناك من الدوابّ ما هو أقوى منك وأسرع ! أغـرّك أنك ذو حسب أو مال ؟ فأنت هكذا وُلدت من غير منك ولا قوة والمال مال الله ، فليس لك حذق في جمعه ، ولا قوة في كسبه . فمن ظن أن الرزق يأتي بقوة *** ما أكل العصفور شيئا مع النسر ! أم غـرّك أن الله أملى لك وأمهل ، فظننت أن هذا لصلاح فيك ؟ قال ابن القيم في قول الله تعالى : ( فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ) قال رحمه الله : فهو قد اعترف بأن ربه هو الذي آتاه ذلك ولكن ظن أنه لكرامته عليه فالآية على التقدير الأول تتضمن ذم من أضاف النعم إلى نفسه وعِلْمِه وقوَّتِه ، ولم يضفها إلى فضل الله وإحسانه ، وذلك محض الكفر بـها ، فإن رأس الشكر الاعتراف بالنعمة وأنـها من المنعم وحدَه ، فإذا أضيفت إلى غيره كان جَحْداً لها ، فإذا قال : أوتيته على ما عندي من العلم والخبرة التي حصلت بـها ذلك ، فقد أضافها إلى نفسه وأعجب بـها ، كما أضافها إلى قدرته الذين قالوا : من أشد منا قوة ؟! فهؤلاء اغتروا بقوّتـهم ، وهذا اغتر بعلمه فما أغنى عن هؤلاء قوتـهم ، ولا عن هذا علمه . وعلى التقدير الثاني تتضمن ذم من اعتقد أن أنعام الله عليه لكونه أهلا ومستحقا لها ، فقد جعل سبب النعمة ما قام به من الصفات التي يستحق بـها على الله أن ينعم عليه . وأن تلك النعمة جزاء له على إحسانه وخيره ، فقد جعل سببها ما اتصف به هو لا ما قام بربه من الجود والإحسان والفضل والمنة ، ولم يعلم أن ذلك ابتلاء واختبار له أيشكر أم يكفر ، ليس ذلك جزاء على ما هو منه ، ولو كان ذلك جزاء على عمله أو خير قام به فالله سبحانه هو المنعم عليه بذلك السبب فهو المنعم بالمسبب والجزاء والكلُّ محضُ منَّتِه وفضلِه وجودِه ، وليس للعبد من نفسه مثقال ذرة من الخير . وعلى التقديرين فهو لم يُضِفْ النعمةَ إلى الرب من كل وجه ، وإن أضافها إليه من وجه دون وجه ، وهو سبحانه وحده هو المنعم من جميع الوجوه على الحقيقة بالنعم وأسبابِـها . فأسبابُـها من نِعمِه على العبد ، وإن حصلت بكسبه فكسبُه من نعمِه . فكل نعمة فمن الله وحده حتى الشكر ، فإنه نعمة ، وهي منه سبحانه ، فلا يطيق أحد أن يشكره إلا بنعمته ، وشكرُه نعمةٌ منه عليه ، كما قال داود : يا رب كيف أشكرك ، وشكري لك نعمه من نعمك عليّ تستوجب شكراً آخر ؟. فقال : الآن شكرتني يا داود . ذكره الإمام أحمد . والمقصود أن حال الشاكر ضد حال القائل : (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) .انتهى كلامه رحمه الله . يا أيها الإنسان ما الذي بالله غـرّك ؟ أغـرّك أنك فعلتَ وفعلت ، وأنفقت وتصدّقت ؟ قال جل جلاله : ( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) سمع ابن سيرين رجلا يقول لرجل : فعلت إليك ، وفعلت ، فقال له : اسكت ! فلا خير في المعروف إذا أُحصيَ . أغـرّك أن الله يراك على المعصية ، بل وتُقيم عليها الدهور ، وهو يحلم عليك ، ويمهلك ، بل ويَقْبلك إن رجعت ؟ أغـرّك أن ربك واسع المغفـرة فطمعت في رحمته وبحبوحة جنته دون عمل ؟قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب فيتهافت ، يقرؤونه لا يجدون له شهوة ولا لذة ، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف ، إن قصّروا قالوا : سنبلغ ، وإن أساؤوا قالوا : سيُغفر لنا ! إنا لا نشرك بالله شيئا . رواه الدارمي . ما الذي بالله غـرّك وهل نسيت أصلك ؟ ويوم القيامة يوبّـخ أقوام على طول آمالهم فيُقال لهم : ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) وغرّتكم الأمانيّ :مَنّـتْـهم أنفسُهم اللحوق بسيد الشهداء وهم قعود بلا عمل ! قال القرطبي في تفسيرها : وغرتكم الأماني : أي الأباطيل ، وقيل طول الأمل . وقال ابن كثير : قال بعض السلف : أي فتنتم أنفسكم باللذّات والمعاصي والشهوات . وتربصتم : أي أخّـرتم التوبة من وقت إلى وقت . وقال قتادة : وتربصتم بالحق وأهله ، وارتبتم أي بالبعث بعد الموت . وغرتكم الأماني : أي قلتم سيُغفر لنا . وقيل : غرتكم الدنيا حتى جاء أمر الله ، أي مازلتم في هذا حتى جاءكم الموت . وغركم بالله الغرور : أي الشيطان . وقال قتادة : كانوا على خدعة من الشيطان ، والله مازالوا عليها حتى قذفهم الله في النار . انتهى . فاحذري يا نفس من خدعة الشيطان ، ومن التسويف . احذري مِن " سوف " و " لعل " فهي لا تُثمر سوى الحسرات .قال ابن الجوزي رحمه الله : أحكم القوم العِلم فَحَكَم عليهم بالعمل ، فقاطعوا التّسويف الذي يقطع أعمار الأغمار . اهـ كان يحيى بن معاذ يقول : إن قال لي يوم القيامة : عبدي ما غرك بي ؟ قلت : إلهي بـرّك بي . فيا رب أنت تعلم ما غرّنا غير سعة حلمك وجودك وكرمك . فيا من ستر القبيح ، ويا من أظهر الجميل ، استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، ولا تجعلنا من المغرورين الذين غرّتهم الحياة الدنيا وغرّهم بالله الغرور . موضوع راق لي فنقلته لكم أسأل الله أن ينفع به.. |
كل الشكر والتقدير لك يااغاليه
على نقلك المميز.. |
مشكوره اختي على هذا الموضوع
تحياتي |
ما أجمل نقلك ..
أثابك الله وكتب أجرك .. |
جزاك الله خيرا
|
باااااارك الله فيك
وجزااااااك الله خير الجزاااااااء يسلموووو :15_32::15_32::15_32: |
جزاك الله خيرا
:15_32::15_32: |
جزاك الله خيرا
|
جزاك االه خيرا~
والله لايحرمك الاجر~ |
الساعة الآن +3: 11:34 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
:: فتيات الإسلام ::